أَثَرُ استِخدامِ التَّعَلُّمِ المُدمَجِ في التَّدريسِ الجَامِعِيِّ

م. د. خديجة حسن القصير/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 252

تواجه مؤسّسات التعليم العالي اليوم مطالبَ عدّة فرضتها عليها التطوّرات العلميّة والتكنولوجيّة المتلاحقة، وأصبح عليها على الرغم من قلّة الإمكانات والموارد المتاحة لها أن تواجه الإقبال المتزايد على التعليم العالي، والارتقاء بمستوى كفاءته وفعاليّته وجودته؛ ليتماشى مع متطلّبات العصر، ويفي باحتياجات سوق العمل، ويفُعّل خطط التنمية، وذلك عن طريق تطوير الملاكات البشريّة، ومن أجل تحقيق هذه المطالب والاحتياجات التعليميّة ومواجهتها، كان لابدّ من إحداث تغييرات جذريّة في نظام التعليم الجامعيّ، بحيث لا يقتصر على نمط التدريس التقليديّ داخل قاعات الدراسة، بل الاعتماد على نمطٍ يستطيع توظيف التطوّرات الحديثة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، مع اتّسامه بالمرونة والكفاءة والفاعليّة، فجاء التعليم المدمج والذي يمثّل برنامج تعلّم تُستخدم فيه أكثر من وسيلة لنقل (توصيل) المعرفة والخبرة إلى المستهدفين، بغرض تحقيق أحسن ما يمكن بالنسبة إلى مخرجات التعلّم، وكلفة تنفيذ البرنامج مثلما عرّفه آخرون: "هو نوع من التعليم الحديث يدمج المدرّب بين التعليم التقليديّ والتعليم الإلكترونيّ، وأيضاً يُقصد بالتعلّم الخليط مزج أو خلط أدوار المعلّم التقليديّة في الفصول الدراسيّة التقليديّة مع الفصول الافتراضيّة والتعلّم الإلكترونيّ"(1)، أي أنّه تعلّم يجمع بين التعلّم التقليديّ والتعلّم الإلكترونيّ. يؤثر هذا التعليم في مخرجات العمليّة التعليميّة لكونه يركّز على تحقيق أفضل أهداف التعليم عبر استعمال تقنيّات التعليم الصحيحة، لمقابلة أنماط التعلّم الشخصيّة الصحيحة، من أجل نقل المهارات الصحيحة للشخص المناسب في الوقت الصحيح. إنّ من أهمّ الأمور التي يُبنى عليها نجاح التعلّم المزيج هو الاطمئنان إلى معايير جودة متطلّباته وضمانه، ممّا يجعله قابلاً للتنفيذ والتطبيق والتقويم، في ظلّ توافر بنية تحتيّة بشريّة مثقّفة داعمة ومدرّبة ومؤهّلة، وقاعدة مجتمعيّة واسعة وعريضة في مجال استخدام الحاسوب والإنترنيت. ويتطلّب أيضاً مجتمعاً جامعيّاً إلكترونياً ديناميّاً يضمّ المدرّسين والمحاضرين والمتعلّمين والفنيّين والمقرّرات الدراسيّة والمختبرات والتوجيه والإرشاد والتدريب والتعليم، ولديهم القدرة على استيعاب التكنولوجيا والبحث والتفكير والاستقراء والتصميم، ومنظومة ربط إلكترونيّ فاعلة؛ لذلك فأنّ نجاحه وتأثيراته تتوقّفان على ما يمكن القيام به لإنجاحه؛ لأنّه يهدف إلى إعادة النظر في البرامج والمناهج الدراسيّة الجامعيّة واستراتيجيّات تنفيذها، من أجل استيعاب مفاهيم الثورة الإلكترونيّة والتكنولوجيّة، ودمجها بطرائق تدريسيّة ذات جودة عالية، وعرضها أمام الطلبة بأسلوب يحقّق متطلّبات الإبداع والابتكار، ويُلبّي حاجات الأفراد والمجتمع. ..................................... (1) الاقتصاد المعرفيّ: ص48.