رياض الزهراء العدد 177 شمس خلف السحاب
اِنتِظَارُ المُعتذِرِينَ
خرج من غيبة الدهور؛ وهو يتنفّس الصَّباح؛ يبحث عمّن يداوي الجراح منذ عصور، وهو يسمع أنين المحبّين ووَلَه المنتظرين يصرخون: يا أبا صالح أدركنا، وأغثنا يا رحمة للعالمين.. وقفتُ من بينهم أنادي: سأغيّر كلَّ العالم لأجلكَ يا بن الهداة الميامين، ولكن لن أغيّر نفسي، فأنا من المعترضين، ولا قدرة لي على نفسي الأمَّارة بالسوء، على الرغم من نصح الواعظين، فهي تحبّ الراحة، وكنز الذهب والفضّة كالمطفّفين، تزيّن لي أعمالي، وتظهر الأمور على خير ما يكون. المهمّ أنّكَ بخير، وإن غرقت العوالم فلا تطلب منّي المقاومة! إنّي من المستضعفين، أتفرّج على الفاسدين، وأصفّق للظالمين، ولكنّي من المنتظرين!! لا تقل لي: امنعهم بيديكَ المصفّقتين، فقد تعوَّدت التهريج مع المهرجين، ولا تقل لي: غيّر المنكر بلسانكَ الذي نسي كلامَ الحقِّ منذ سنين، ولا يعرف غير لعن المنتفعين، هتفَ صدى الهادين: أفقْ من نومة الغافلين، وغيِّر قلبكَ أيّها المنتظِر الحزين، وطهّره من الخنا، ووهن المنافقين، فلن يتغيّر العالم ما لم تغيّر نفسكَ أيّها المغبون الغريم: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد: 11)، ولن أقوم ما لم تقم أيّها المعتذر عن انتظاري قبل أن يأتي يوم لا ينفع المعتذرين، عندما أدقّ الأبواب كأمّي الزهراء (عليها السلام)؛ طلبًا لنصرة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فتكسر قلبي، وتقفل باب توبتكَ إلى يوم الفتح المبين.