رياض الزهراء العدد 177 نافذة على المجتمع
شُعبَةُ شُؤُونِ الطِّبَابَةِ في العَتَبةِ العَبّاسِيَّةِ المقدّسَةِ طُموحاتٌ تُلامِسُ الأُفُقَ
مهنة إنسانية تلامس الروح قبل الجسد، وهي من المِهَن القديمة التي تحتلّ مكانة عالية، ارتباط الطبّ بأرواح الناس أوجب عليهم الجدّ والاجتهاد والدراسة المتواصلة؛ لأنّ على أيديهم يكون إنقاذ أرواح البشر، وكلّ ما يتعلّق بمهنة الطبّ من الصيدلة والتمريض وغيرها من التخصّصات، شأنها شأن الطبيب، كلّ منهم مكمّل لعمل الآخر، لهذا كلّه لابدّ من أن يبذل العاملون في المجال الطبّي كلّ ما بوسعهم لكونهم مسؤولين عن صحّة الناس، ومكلّفين بتقديم الرعاية والنصح لهم؛ لضمان سلامتهم والتخفيف من معاناتهم. شعبة الشؤون الطبّية هي إحدى تلك المنشآت التابعة للعتبة العبّاسية المقدّسة، والتي تقوم بعمل متواصل على مدار 24 ساعة طوال السنة بتنظيمٍ وتنسيقٍ؛ خدمةً لزوّار المولى أبي عبد الله الحسين وأخية قمر العشيرة (سلام الله عليهما)، تقدّم هذه الشعبة خدمات جمّة. ولنتعرّف عليها عن كثب التقت مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) الدكتور مسؤول شعبة الشؤون الطبّية في العتبة المقدّسة أسامة عبد الحسن كاظم، الذي حدّثنا عن كلّ ما يخصّ الشعبة مشكورًا: متى أُنشأت الشعبة وما مهامّها؟ الدكتور أسامة عبد الحسن كاظم: شعبة الشؤون الطبّية في العتبة العبّاسية المقدّسة تم استحداثها من قبل أكثر من أربع سنين، ولحاجة مهمّة وبتوجيه من سماحة المتولّي الشرعي السيّد أحمد الصافيّ (دام عزّه)، والسيّد الأمين العام، والسادة المهتمّين بذلك الجانب، تمّ إقرار تشكيل هذه الشعبة، وللشعبة عدّة مهامّ متمثّلة بتقديم الخدمات الطبّية للزائرين ومنتسبي العتبة المقدّسة، وتتألف الشعبة من عدّة وَحدات: 1- وَحدة الإخلاء الطارئ. 2- وَحدة الذاتية. 3- وَحدة المفارز الطبّية. إنّ ملاكات المفرزة الطبّية تتكوّن من منتسبي دائرة صحّة كربلاء المقدّسة والإداريين من العتبة العبّاسية المقدّسة والمتطوّعين من مختلف المحافظات، ومع مرور السنين توسّع عمل المفرزة أكثر وازداد وتنوّع مع جائحة كورونا، إذ أصبحت التحدّيات أكبر، وعلى أثرها تمّ إنشاء ردهات عزل خاصّة بالمنتسبين المصابين، وتُعزل الحالات بعد إجراء اللازم من قِبل الشعبة، أمّا تحدّي جائحة كورونا في أثناء الزيارات المليونية، فلم يكن بالأمر الهيّن، لكن بالعمل المنتظم والتنسيق المسبق وتوزيع المهامّ تيسّر الأمر، وقسّم العمل على شكل وَحدات ومفارز داخل الصحن الشريف وخارجه وفي السراديب، إضافة إلى نقاط أخرى، وتوفير فِرق الإخلاء داخل الصحن الشريف بالتنسيق مع الأخوة في الأقسام والشُعب -قسم رعاية الصحن والحرم الشريف والأخوات الزينبيات-. في كلّ سنة يتمّ استحداث مستشفيات ميدانية ومفارز جديدة؛ لتقديم الخدمة لأكبر عدد من الزوّار. للشعبة جهود متنوّعة ونشاطات كثيرة ما أبرز تلك النشاطات في أيام الزيارات؟ الدكتور أسامة عبد الحسن كاظم: سُخّرت الكثير من الجهود في أيام الزيارات؛ لتقديم الخدمات، ومُدّت الأيادي البيضاء إلينا لتقديم ما هو أفضل، تلك الجهود المباركة هم المتطوّعون من الأخوة والأخوات من كربلاء، ومن داخل العراق، وهناك إسهامات من الخارج أيضًا، إذ يتمّ التنسيق مع كلّ من دائرة صحّة كربلاء المقدّسة، بغداد، ذي قار، بابل، السماوة، الكوت، البصرة، الديوانية، لتغطية احتياجات الزيارات المليونية، ويتمّ تشكيل هيئات خاصّة بالرجال والنساء، ومن تلك المفارز والهيئات التطوّعية: (الجود الطبّية للرجال، الصدّيقة الطاهرة للنساء، مستشفى الشهيد وسام الموسويّ التابعة لطبابة الحشد الشعبي)، والاستحداثات متواصلة في كلّ عام، تأتي هذه التشكيلات لتنظيم عمل المتطوّعين والمتطوعات المشاركين في تقديم الخدمات من جميع المحافظات، إذ يصل عدد الرجال إلى ما يقارب الـ(600)، والنساء إلى الـ(700)، والعدد في تزايد عامًا بعد آخر. إنّ التطوّع لتقديم الخدمات للزوّار الكرام لا يقتصر على أيام الزيارات المليونية، بل تعدّى ليشمل ليالي الجمعة والسبت من كلّ أسبوع، وعشرات من المناسبات خلال العام، وعدد المفارز في أيام الزيارات (3) داخل الصحن الشريف و(3) خارجه و(3) حوله، إضافةً إلى المفارز في مدن الزائرين، ومجمّع الشيخ الكليني، ومجمّع العلقمي، وجامعة العميد، وفي هذه السنة تمّ تطوير العمل أكثر، ووصل عدد المفارز إلى (18) مفرزة موزّعة مثل ما مرّ ذكره، ومنها العيادات المتنقّلة وردهات الإنعاش. ما مصدر مواردكم المادية؟ الدكتور أسامة عبد الحسن كاظم: أخذت العتبة العبّاسية المقدّسة على عاتقها توفير كلّ ما يلزم للمفرزة الطبّية من احتياجات ومستلزمات طبّية أو أثاث، وغيرها من الاحتياجات والموارد المادية والبشرية، إذ أولت إدارة العتبة العبّاسية المقدّسة اهتمامًا بالغًا بتوفير كلّ ما يلزم الشعبة، إضافةً إلى التنسيق بين دائرة صحّة كربلاء والمفرزة؛ لتزويدها بالعلاجات، ويزيد على ذلك دعم المتبرّعين من داخل العراق وخارجه. أمّا أيام الزيارات، فيتمّ التنسيق مع باقي الدوائر الصحّية في المحافظات، بخاصّة الأدوية والمستلزمات الطبّية اللازمة للزيارة الأربعينية للزائرين الكرام، وتمّ التنسيق مع طبابة الحشد الشعبي، ومنظّمة الإمامية الطبّية العالمية. وللطبابة (7) سيارات إسعاف خاصّة وفّرتها العتبة العبّاسية المقدّسة لنقل المرضى، ويتمّ زيادة سيارات الإسعاف في أيام الزيارات، وتتمّ مشاركة سيارات وزارة الصحّة/ مديرية الخدمات الطارئة وطبابة الحشد الشعبي، وفرقة العبّاس القتالية، فيما تمّ تخصيص سيارتي إسعاف لنقل مصابي كورونا. ما الإجراءت التي اتخذت في أثناء جائحة كورونا؟ الدكتور أسامة عبد الحسن كاظم: من الجهود التي قامت بها شعبة الشؤون الطبّية في جائحة كورونا هي المتابعة والإشراف على إنشاء ردهات الحياة في كربلاء المقدّسة، وعدد من محافظات القطر، ومعامل الأوكسجين في كلّ من بغداد وبابل وذي قار، وتوفير المعدّات الوقائية والمستلزمات الطبّية، وهنالك تنسيق ما بين الشعبة ودائرة صحّة كربلاء، وأيضًا تنسيق مع مستشفى الكفيل لمتابعة شؤون المنتسبين المصابين. فيما أخذت الشعبة أيضًا على عاتقها إجراء حملات اللقاح والفحوصات الخاصّة بمرض كورونا لجميع المنتسبين والمتطوّعين في الشعبة، وإجراء المَسحات شرط في قبول المتطوّع في الشعبة والمفارز الطبّية الواقعة تحت إدارتها، وقد تمّ تشكيل فِرَق خاصّة بالتعفير أيام الزيارات بالتنسيق مع كشّافة الكفيل والعلاقات الجامعية؛ لتعفير الزائرين، والمفارز الطبّية، والمراكز في داخل الحرم وخارجه بصورة مستمرّة ودورية باستعمال موادّ تعفير تمّ تجهيزها من شركة الجود. إضافة إلى إقامة دورات توعية عن الإجراءات الواجب اتّخاذها للوقاية من فيروس كورونا لجميع أقسام العتبة المقدّسة والمواقع التابعة لها. أمّا المنتسبون الملامسون أو المشتبه بإصابتهم، فيتمّ حَجرهم في أحد الفنادق التي تمّ تخصيصها من قِبل العتبة العباسيّة المقدّسة، وإنشاء ردهة العزل في مجمّع الشيخ الكليني (قدّس سرّه) لمنتسبي العتبة المقدّسة المصابين بفيروس كورونا، وبسعة (64) سريرًا (للرجال وللنساء)، وإحالة المنتسبين الذين تثبت إصابتهم إلى دائرة صحّة كربلاء لتلقّي العلاج. ما الأعمال التطويرية المنجزة ؟ 1- إبرام العقود مع مجموعة من الأطبّاء للعمل في شعبة الطبابة بسبب كثرة الزائرين الوافدين، ولتلافي الحالات الخطرة، وعلاج المنتسبين. 2- استحداث مركز بحثي لخدمات الزيارات المليونية في كربلاء المقدّسة تابع لمركز العميد الدولي للبحوث والدراسات. 3- نصب كاميرا عدّادة من قِبل قسم المشاريع الهندسية/ شعبة الاتصالات لإحصاء أعداد المراجعين. 4- نصب كاميرا حرارية للكشف عن الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا. 5- استحداث مخزن لحفظ الأدوية في أماكن محصّنة لحفظها من التلف. 6- تجهيز الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبّية بواسطة لجنة المشتريات في العتبة العبّاسية المقدّسة بالتعاون مع شعبة الشؤون الطبّية. مشاريع أُنجزت، ومشاريع قيد الإنشاء، كلّها تصبّ في خدمة المجتمع والصالح العامّ، ومن تلك المشاريع المباركة شعبة الشؤون الطبّية في العتبة العبّاسية المقدّسة، والتي تقدّم خدماتها طوال أيام السنة بهمّة وعزيمة يستمدّها الملاك من أنوار قمر العشيرة (عليه السلام)، متسابقين في تقديم الأفضل، يشترك في ذلك الثواب العظيم ثلّة مباركة من المنتسبين، والمتطوعين من جميع أنحاء بلدنا العزيز في أيام المناسبات الكبرى، طموحات تلامس السماء، لا يحدّها شيء، تتهافت القلوب قبل الأذرع لتقديم ما يسمو بالأرواح نحو الأعالي.