رياض الزهراء العدد 177 لحياة أفضل
الصِّيامُ الإلكترُونِيّ
في ظلّ التطوّر السريع، بل هذا التعوّد الكبير الذي يسطو على أوقات الفرد بكلّ الفئات العمرية، بخاصّة الشريحة الأهمّ في المجتمع، وهي شريحة الشباب، فأصبح الهاتف السكرتير الشخصي للإنسان، وباتت مواقع التواصل الاجتماعي هي أسباب العزلة الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة، والشاشات الكبيرة التي نستمرّ بالجلوس أمامها، أصبحت وجوهنا لها علاقة مباشرة أكثر من علاقتها بأولادنا وأهالينا، وهذا أحد الأسباب الأساسية للمشاكل، فظهرت تجربة "الصيام الإكتروني"، تجربة جديدة موجودة بين مستخدمي الإنترنت، بعد أن بات استخدام الإنترنت والأجهزة الإلكترونية الحديثة ملازمًا للإنسان كظلّه، هذه التجربة قد تساعد في التقليل من الإدمان على استخدام التقنيات الحديثة، مثلما أنّها تتيح الكثير من الوقت لإتمام الأعمال المؤجّلة، وهناك نوعان من الصيام الإلكتروني: ١ - الصيام الكلّي. ٢- الصيام الجزئي. الصيام الكلّي هو الحرمان والحذف التامّ والمطلق لكلّ مواقع التواصل الاجتماعي، أي الملهيات السارقة للوقت عبر الشاشات، ولمدّة تزيد على أسبوع وبشكل قسري، لما لها من آثار واضحة في حياة الإنسان، فقد تسبّب الصداع والعصبية، وسببهُ الحرمان الحادّ من شيء تمّ الإدمان عليه، ولكن التقليل من حالة الحرمان يجب وضع البديل لقضاء الوقت، واستثمار أعظم فائدة من هذا الوقت المتاح؛ لبناء عادات إيجابية كالقراءة لمدّة (15) دقيقة، فالاستمرار على القراءة تغيّر الإنسان بشكل أو بآخر تبعًا لنوعية المادّة المقروءة، مثلما أنّ ممارسة بعض التمارين الرياضية ولو لخمس دقائق سيكون مفيدًا جدًا، فهذه الدقائق التي نستهين بها تساعد على رفع جودة حياتنا، وكيفية تعاطينا مع الأمور ستكون بهدوء أكبر. الصيام الجزئي هو الحذف لبرنامج أو برنامجين الأكثر استخدامًا في الهاتف، ممّا سيوفّر أكثر من ٤٠٪ من الوقت المستغرق في جلوس الشخص ملازمًا لشاشة هاتفه، فلن تتوقّف الحياة لو أنّكَ لم تتفقّد هاتفكَ كلّ (4) دقائق فأحد الدراسات أثبتت أنّ الإنسان يتفقّد رسائلهُ أكثر من (١٤) مرّة خلال الساعة الواحدة، فلو افترضنا أنّ كلّ مرّة تأخذ من وقته مدّة دقيقة ونصف، فإنّكَ تنفق من كلّ ساعة حوالي (٢٠) دقيقة، وبهذا نحن نفعل ما هو أشبه بالكارثة، فالوقت الذي يمرّ لن يعود، وكلّه محسوب من أعمارنا وطاقاتنا ومستوى الإنتاجية. التصفّح المستمرّ لمواقع التواصل هو تكرار لروتين غير صحّي وعديم الفائدة، وأحد أسباب قلّة الإنتاجية وانخفاض جودتها، فإنّ أسبوعًا من الصيام الجزئي كفيل بإنجاز المهامّ المؤجّلة، والانتهاء منها، مثلما يساعد في عيش نوع من النقاهة من هذا الضجيج الشبكي، والمتابعة التفصيلية للحالة المنشورة من قِبل الأصدقاء والمشاهير، إنّه نوع من العزلة المريحة جدًا التي لو عشناها مرّة واحدة فسنكتشف مدى الفرق في الوقت والطاقة النفسية والصحّية على روتين حياتنا.