طَاقَةُ الخُشُوعِ للمُؤمِنِ

زهراء صلاح الطائيّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 201

ربّما يتعجّب الكثير عندما يعلم بأنّ الخشوع هو العلاج للكثير من الأمراض، وبممارسة هذه الطاقة ستنفجر من باطن المؤمن طاقات هائلة. يقول الله تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد: 16). آية تحمل في مكنوناتها طاقة عظيمة، تخاطب المؤمن لتذكّره بأهمّية الخشوع. يعتقد الكثير منّا أنّ الله أمر بالخشوع للتقرّب إليه فقط، حيث أظهرت الدراسات شيئًا جديدًا وهو التأمّل، حيث يجلس المرء ويحدّق في السماء أو الشجرة أو الشمعة، بدون أن يفكّر في شيء آخر، ولكن القرآن الكريم لم يكتفِ بالتأمّل المجرّد من التفكير، بل قرنه بالتفكّر والتدّبر، كالتفكّر في صنيعة خلق هذا الكون الهائل، ولهذا النوع من الخشوع فوائد عظيمة في علاج الكثير من الأمراض الجسدية والنفسية، حيث أثبتت الدراسات أنّ الخشوع يساعد في تخفيف الضغط العالي، ومن ثمّ تخفيف الإجهاد على القلب، وتعدّ أمراض القلب الأولى في التسبّب بالموت. كذلك أكّدت الأديان السماوية، بل أثبتت إضافة إلى الدراسات العلمية أنّ طاقة التأمّل تعالج الكثير من حالات الاكتئاب والقلق. وبعد فشل الطبّ الكيميائي في علاج بعض الأمراض المستعصية لجأ الباحثون إلى العلاج بالتأمّل، والذي ساعد في تخفيف الألم وتقوية الجهاز المناعي، ومثال ذلك الأمراض السرطانية ويعدّ العلاج الأمثل لها الابتعاد عن القلق والتوتّر، والبقاء في حالة استرخاء وإيجابية تامّة. ومن الفوائد الكبيرة للتأمّل أنّ الجزء الأمامي من الدماغ ينشط بشكل كبير في أثناء التأمّل والتفكّر العميق، هذه المنطقة من الدماغ هي مركز القيادة أيضًا لدى الإنسان، ومركز اتخاذ القرارات المهمّة والمصيرية، ولهذا الجزء من الدماغ أثر كبير في سلوكنا وعواطفنا واستمرار حياتنا. ولذلك نجد أنّ النبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله) ركَّز على هذا الجزء في دعائه لربّه، فكان يقول (صلّى الله عليه وآله): ما أصاب أحدًا همّ ولا حزن، فقال: "اللهم إنّي عبدكَ وابن عبدكَ، وابن أمتكَ، ناصيتي بيدكَ، ماض فيّ حكمكَ، عدل فيّ قضاؤكَ، أسألكَ بكلّ اسم سمّيتَ به نفسكَ وأنزلته في كتابكَ، أو علّمته أحدًا من خلقكَ، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندكَ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي"(1)، أي يا ربّ لقد أسلمتكَ ناصيتي وهي مركز القيادة والقرارات والسلوك، وأنتَ توجّهها كيف تشاء. كذلك فإنّ أحد أساليب العلاج بالقرآن أن تضع يدكَ على منطقة الناصية ثم تقرأ آيات من القرآن بخشوع، حتى تصل إلى مرحلة السكينة والهدوء. وهناك أنواع كثيرة من أنواع الخشوع، مثل السجود على التراب، وبخاصّة تربة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، حيث أثبتت التجارب أنّ الإنسان عندما يسجد على التراب يحصل تفريغ تامّ للطاقة السلبية، واكتساب طاقة الأرض الإيجابية. .............................. (1) بحار الأنوار: ج٩٢، ص٢٧٩.