رياض الزهراء العدد 177 لحياة أفضل
كَيفَ تكونُ سَعِيدًا؟
السعادة في حقيقتها هي الراحة الشاملة التي تعمّ الجسم والنفس، فينتج عنها حالة من الرضا والارتياح والقناعة والسرور، والسعادة الشاملة رغم أنّها غاية الجميع، إلّا أنّها عملة نادرة، بل غير متوافرة إن لم تكن مرتبطة بالله (عزّ وجلّ)، أمّا حقيقة السعادة التي ينبغي السعي وراءها، فقد ذكرها أمير المؤمنين (عليه السلام) قائلًا: "إنّ حقيقة السعادة أن يُختم للمرء عمله بالسعادة، وإنّ حقيقة الشقاء أن يُختم للمرء عمله بالشقاء"(١). فكيف يحصل الإنسان على سعادته في الدنيا؟ وكيف يكون سعيدًا؟ ومن هنا نعرض بعض الطرق التي قد تساعد وتؤدّي إلى مفتاح سعادة الإنسان. أولًا: المداومة على ذكر الله (عزّ وجلّ): في الحديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): قال الله سبحانه: "إذا علمتُ أنّ الغالب على عبدي الاشتغال بي نقلتُ شهوته في مسألتي ومناجاتي، فإذا كان عبدي كذلك فأراد أن يسهو حُلتُ بينه وبين أن يسهو، أولئك أوليائي حقًّا، أولئك الأبطال حقًّا، أولئك الذين إذا أردتُ أن أهلك أهل الأرض عقوبةً زويتها عنهم من أجل أولئك الأبطال"(٢)؛ إذًا فالمداومة على ذكر الله تؤدّي إلى العشق الإلهي الذي بدوره يغني الإنسان عن لذّة السعادة دون مولاه. ثانيًا: القناعة والرضا: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "سعادة المرء القناعة والرضا"(٣)؛ فالقناعة تتمثّل بأن يقتنع الإنسان بما يكفيه للعيش، فلا يطلب الرفاهية التي يسعى إليها الآخرون، ومن أهمّ ما يساعد الإنسان للوصول إلى القناعة والرضا هو العلم واليقين بأنّ الأمر بيد الله، يعطيه ما يشاء، ومتى يشاء، وكيفما يشاء. ثالثًا: محاسبة النفس: إنّ المحاسبة يجب أن تكون شبيهة بالمحاسبة بين الشريكين، فإذا ما وجد النفع استمرّ معه وبارك في خُطاه، وإلّا فسيكون ضامنًا للخسارة في الحاضر والمستقبل، فيجب على الإنسان أن يحاسب نفسه كي لا يقع في دوّامة المعاصي التي تُفقده لذّة السعادة امتثالًا لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَن حاسب نفسه سَعِدَ"(٤). فإذا اتّبع المؤمن هذا الطريق، فلا شكّ في أنّه سيصل إلى مبتغاه من السعادة التي تتمثّل بالرضا والقناعة التي ستحلّ في قلبه نتيجةً لعمله، وهذا وعد إلهي لا يمكن الشكّ فيه أبدًا، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (البيّنة: ٨). إذًا فالسعادة ليست بالأمر المستحيل، بل هي متاحة للجميع، فقط يجب أن نختار السبل الصحيحة للوصول إليها، فهي غير منحصرة بالمال والجاه والجمال والبيوت المشيّدة والأسقف المزخرفة، فكم من غني كئيب حزين، وكم من فقير مرتاح سعيد. ........................ (1) ميزان الحكمة: ج2، 1305. (2) بحار الأنوار: ج ٩، ص162. (3) ميزان الحكمة: ج٢، ص١٣٠٥. (4) مستدرك الوسائل: ج١٢، ص١٥٤.