نُصرَةُ الحَقِّ

سرور عبد الكريم المحمّداويّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 161

في دوّامة الدنيا، تاهت أنفسنا بين هذا وذاك، بين نور اليقين وبين ظلمة الجهل، ندقّ أبوابًا للمعرفة؛ لِتُفتَح لنا فنفهم ونعرف، كي نُقاتل في سبيل الحقّ؛ لنحيا بقول الحقّ، ونموت على كلمة باقية في أعقابنا، لكن هل هذا يكفي؟ هل المعرفة تكفي لنصرة الحقّ فقط؟ إن لم ننصر الله في أنفسنا أولًا، إن لم نأخذ الحقّ من أنفسنا أولًا، فسنكون في فريق الباطل! إن لم نتخلّق بأخلاق محمّد وآل محمّد (صلوات الله وسلامه عليهم)، وننصف الناس من أنفسنا، فأنّى لنا بذلك، وإن كنّا متعلّمين ومتفقّهين، لكنّا سنكون في مواقف أهل الباطل. للحقّ وجه واحد، وهو الشريعة الإلهية المنزلة على صدر محمّد (صلّى الله عليه وآله)، التي شرّع الله تعالى أحكامها من حلال، وحرام، ووضع أسسًا لتنظيم حياة البشر، فيما يبقى حلاله وحرامه ثابتان إلى يوم القيامة. فالحقُّ واحد لا يمكن أن يكون اثنين، إلّا أنّ هناك بعض النفوس الشيطانية التي قد تتحايل بفكر خبيث حتّى تُلبس الحقّ ثوب الباطل، وكثيرًا ما حصلت في التاريخ حوادث كهذه، لذلك نحتاج إلى التفكّر، ونحتاج أن نبحث عن الحقيقة؛ لنسمو بها في أنفسنا أولًا، ولِنعرّف بها غيرنا ثانيًا. وكلّما تبحّرنا في المعرفة كنّا أقرب إلى الحقّ والحقيقة؛ لذلك سنصل إلى الهدف الدقيق لأصل الوجود، ألا وهو المعرفة، حيث جاء في الحديث القدسي: "لقد كنتُ كنزًا مخفيًا، فأحببتُ أن أعرف، فخلقتُ الخلق لأعرف"(1)، فلو عرفنا الله سبحانه حقّ معرفته لتمّت النعم الدنيوية والأخروية علينا، ولاضمحلّت الكثير من المنغّصات الدنيوية بسبب اتباع الحقّ وكلمته، في أنفسنا أولًا، وعند الآخرين ثانيًا. ................................. (1) بحار الأنوار: ج84، ص199.