الذَّكاءُ العَاطِفِيّ فِي الحَياةِ اليَومِيَّةِ

أ. د. سعاد سبتي الشاوي/بغداد
عدد المشاهدات : 204

سرّ النجاح والفشل لأيّ شخص يعتمد على مقدار معرفته وسدِّ احتياجاته الخاصّة، ولا يتحقّق هذا إلّا إذا استطاع ترجمة ما يشعر به بشكل يتّسم بالوعي، والسيطرة على تأثير هذه المشاعر في السلوك واتخاذ القرار الأفضل، والذكاء العاطفي أكثر ما يُسهم في تطوير الأشخاص، ويجعلهم أكثر فهمًا لأنفسهم إلى ما يحتاجون، وهنا لا ننكر أهمّية طلب العلم والمعرفة وضرورته، إلَّا أنَّه لا يكفي لوحده، بل يجب أن يكون مصحوبًا بمجموعة من المهارات التي تخلق حالة التوازن لدى صاحبها، وتؤهّله للعمل بنجاح على أيّ صعيدٍ كان. الذكاء العاطفي ومستوياته: ويُقصد بالذكاء العاطفي قدرة الإنسان على التعرف على العواطف وإدارتها؛ سواء كانت عواطفه الخاصّة، أو عواطف الأشخاص المحيطين به، أو قدرة الفرد على استخدام المعرفة الانفعالية من أجل حلّ المشاكل. مستويات الذكاء العاطفي: 1- إدراك العواطف المتضمّن فهم الإشارات غير اللفظية كلغة الجسد، وتعبيرات الوجه. 2- الاستدلال بالعواطف؛ لتشجيع التفكير، والنشاط المعرفي. 3- فهم العواطف التي تحمل مجموعة واسعة من المعاني. 4- إدارة العواطف، والاستجابة لمشاعر الآخرين. مميّزات الذكاء العاطفي: يتميّز الذكاء العاطفي بعلامات، منها: التفكير بالمشاعر، إذ يبدأ بالوعي الذاتي والاجتماعي، وامتلاك قدرات التعرف على العواطف، والسيطرة على الأفكار، والاستفادة من الانتقادات، وإظهار التعاطف، ومدح الآخرين، والاعتذار والمغفرة والنسيان، فالأفراد الذين يمتلكون نسبة مرتفعة منه يمتلكون أداءً أفضل من الأفراد الذين يمتلكون نسبة مُتدنِّية منه، لذلك على الشخص التخلّص من المشاعر السلبية؛ كي ينعم بالصحّة والسعادة. إنَّ نسب الذكاء العاطفي تختلف من شخص إلى آخر تبعًا للشخصية التي تتباين من شخص إلى آخر، وهناك فروق تظهر بتغيّر الجنس؛ فالرجال الذين يتّصفون بالذكاء العاطفي المرتفع متوازنون اجتماعيًا، وصريحون، ومرحون، ولا يميلون إلى الاستغراق في القلق، ويتمتّعون بقدرة ملحوظة على الالتزام بالقضايا وبعلاقاتهم بالآخرين، وتحمّل المسؤولية، وتتّسم حياتهم العاطفية بالثراء، فهي حياة مناسبة لهم، راضون فيها عن أنفسهم وعن الآخرين وعن المجتمع الذي يعيشون فيه، أمّا النساء فإنَّهنّ يتمتّعنَ بذكاء مرتفع؛ إذ لديهنّ الثقة المتوقّعة في أفكارهنّ، وطلاقة التعبير، وتقدير الأمور الذهنية على درجة كبيرة من الاهتمامات الفكرية والجمالية، مثلما تميل النساء إلى التمعّن في الأفكار، والتكيّف مع الضغوط النفسية، والمحافظة على توازنهنّ الاجتماعي، وتكوين علاقات جديدة، والشعور بالراحة عندما يمزحنَ ويبتهجنَ في ضمن نطاق الاستقامة، فهنّ تلقائيات ومتفتّحات على الخبرة الحسّية. عناصر الذكاء العاطفي: توجد عناصر أساسية تحدّد الذكاء العاطفي، هي: 1. الوعي الذاتي: فالأشخاص الذين لديهم ذكاء عاطفي عالٍ جدًا عادةً ما يكونون على دراية تامّة، ويفهمون مشاعرهم جيدًا؛ لذا فأنّهم لا يسمحون لمشاعرهم بأن تتولّى زمام الأمور، ونادرًا ما تخرج عواطفهم عن السيطرة، ويعرفون نقاط القوة والضعف لديهم، ويعملون على هذه المجالات؛ حتَّى يتمكّنوا من أداء أفضل ما لديهم. 2. التنظيم الذاتي: القدرة على التحكّم في العواطف، فلا يسمحون لأنفسهم بأن يصبحوا غاضبين أو غيورين جدًا، ولا يتّخذون قرارات متهوّرة ومهملة، فهم يفكّرون قبل أن يتصرّفوا. 3. الدافع: الذين لديهم درجة عالية من الذكاء العاطفي لديهم استعداد لتأجيل النتائج الفورية للنجاح إلى نتائج على المدى الطويل، وأنّهم منتجون بلا حدود، يحبّون التحدّي. 4. التعاطف: وهو القدرة على التعرّف وفهم رغبات مَن حولهم واحتياجاتهم ووجهات نظرهم، ويكونون متميّزين في إدارة العلاقات والاستماع، وهم يتفادون القوالب النمطية، ويقرّرون بسرعة كبيرة، ويعيشون حياتهم بطريقة منفتحة وصادقة جدًا. 5. المهارات الاجتماعية: تساعدهم على التطوير، والتألّق، وتمكنّهم من إدارة النزاعات. وأخيرًا علينا أن نتذكّر قوله تعالى في حقّ نبيّه الذي أوصى بأن يكون قدوة للعباد، ففي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أسوة حسنة: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران: ١٥٩).