بِعُيونِ إعلامِيّاتٍ عَرَبِيّاتٍ.. التَّخطِيطُ الإعلاميُّ هَل رَاعى تَفعِيلَ البُعدِ الإنسانيّ فِي القَضايا الاجتِماعِيّةِ؟
نساء مؤهّلات بشهادات أكاديمية، لسنَ محاميات، لكنّهنَّ يُجدنَ التمعّن في القضايا الإنسانية المجتمعية، ويفكّرنَ فيها بشكل حيادي لمساعدة المجتمع على رؤية الجوانب الإنسانية التي لا يراها جميع أفراده، قادرات على تسليط الضوء على القضية المجتمعية وعناصرها، وقراءتها ووضع حلول مستقبلية. لقاء مع (3) إعلاميات من الوطن العربي يُبرهنّ بالأدلّة على سبب حاجة الإعلام لهنّ: الإعلامية.. القوّة المحرّكة مريم كرنيب/ إعلامية في قناة المنار: تجد أنّ المرأة الإعلامية هي المهندسة المعمارية التي تخطّط بكلماتها وعباراتها لترتيب فكرة الطرح، حتى في اختيار الفئة المستهدفة في التغطية الإعلامية؛ لبلوغ الهدف المجتمعي أولًا، وتحرّك أفراد المجتمع المعنيين في القضايا الاجتماعية، ثمّ بلوغ الرؤية الإعلامية، فلكلّ إعلامي رؤية خاصّة به، والإعلام مهنة ذات تأثير في وعي الجمهور؛ للوصول إلى تغطية منصفة وشاملة من أجل الصالح العامّ، وتحديد تعابير (من أين نبدأ؟ وأين نتوقّف؟). الصفة التي دعمت بها مريم الإعلامية العربية قائلة: إنّ الإنسان بسيكولوجيته يميل إلى مجتمعه وأفراده؛ لينتج نتاجًا فكريًا خاصًّا يطوي في داخله أفرادًا يخرجون إلى المجتمع، فتبدأ مرحلة الترسيخ للقيم، ولعلّ أهمّها الفكر الجمعي الذي ينتج الصالح وينمّي حسّ الانتماء. أين أنا؟ وماذا أريد؟ تؤكّد سكينة فقيه/ إعلامية في جريدة النهار على محدودية دور المرأة الإعلامية في نشر موضوع التطوّع المجتمعي وعرضه، وذلك بسبب المساحة المحدودة التي يعطيها الإعلام ووسائله لموضوعات كهذه في عالمنا الإسلامي والعربي، فهذه الوسائل الإعلامية تتحدّث عن التطوّع في اليوم العالمي للتطوّع فقط، ويتمّ تجاهله في الأيام الأخرى ما عدا بعض المبادرات التي تسلّط الضوء عليها بعض وسائل الإعلام، فعلى الرغم من أنّ المساحة للمواضيع الاجتماعية صغيرة، إلّا أنّ المرأة العربية والمسلمة استطاعت أن تظهر القيمة الحقيقية للتطوّع من منظوره الإنساني، ونحن على ثقة لو أنّ المرأة العربية أُعطيت مساحة وحرّية أكبر لرأينا نتائج أفضل على صعيد العمل التطوّعي؛ لأنّ المرأة ترى الموضوع من جانبها بصفتها امرأةً، وأمًّا، وجدّةً، وأختًا، ومعلمةً، وطبيبةً، وغيرها، فيظهر العمل التطوّعي بكلّ جوانبه الإنسانية، وبخاصّة في وسائل الإعلام ذات الوظائف والوسائل المتعدّدة، فمنها دورها الرقابي، ودورها في التعليم والتوعية وتوسيع الآفاق الفكرية، إضافة إلى دورها في معرفة أسلوب حياة الآخرين وتنمية التعاطف بالتقريب بين الناس، ومن أدوارها: بعث الطموح والتطلّع إلى حياة أفضل، وإيجاد مناخ فكري يحفّز الناس على التغيير والتطوّر، إذن فإنّ كلّ هذه الأدوار بمجملها تؤكّد على دور وسائل الإعلام فيما تقوم به في عملية التنمية والتوعية الاجتماعية، فهي استطاعت أن تعرف مَن تكون بصفتها إعلامية، وماذا تريد. المصباح السحري ترسم الإعلامية ميرفت منصور/ مُعدّة في إذاعة النور مخطّطًا صغيرًا في مفكّرتها وتقول: المصباح السحري لوجود الإعلامية العربية هو إظهار نقاط القوّة لديها وإبرازها، وتمكينها من استشعار القوّة وعكسها على الجمهور، إضافة إلى جانب تقوية التسلسل المنطقي لعرض القضية الاجتماعية وتطوير لغة التخاطب التي ترسم نجاح الإعلامية في القضايا الاجتماعية، فدائمًا ما يحتاج أفراد المجتمع إلى صنع منظور آخر خارج المربّع، لكنّه موجود في حياة الشخص ومحيط تفكيره، وجميعها أولويات تُسهم وتساعد في رسم كلمات أساسية للقضية الاجتماعية؛ لتأتي بعدها مكمّلات العمل الإعلامي من ثقافة الصورة، فما يزال العالم العربي بوسائله الإعلامية مصدرًا مهمّا من مصادر التوجيه والتثقيف لبناء المجتمعات، وقد تكون من أهمّ العناصر الأساسية في تشكيل ملامح المجتمعات. الاستثمار في المحتوى النوعي توضّح إلهام الزين/ إعلامية في إذاعة النور: أنّ التغيير هو الذي تسعى إليه المؤسّسات الإعلامية الإسلامية، وأنّ دور الإعلامية لا يقتصر على جانب الطرح فحسب، بل يحمل الأفراد والمجتمعات الفاعلة والحيوية على القيام بمحاولات تعزيز للتحوّلات الإيجابية، والتخطيط لعمليات التغيير في الحالات التي يكون فيها الواقع سلبيًا؛ لننطلق إلى نسق منظّم يحمل في طيّاته رسائل عديدة للتصدّي لواقع غير مرغوب، ومنها على سبيل المثال الزيّ المحتشم للإعلامية الذي يمثّل في جوهره وعيًا بالثقافة التي يلتزم بها أفراد المجتمع الإسلامي، وأنّ الزيّ المحتشم لا يحدّ من قدرات الإنسان في الإبداع، ومن ثمّ نعطي درسًا مهمًّا للمرأة العربية بأنّ التغيير لا يجب أن يكون في الجوهر الثقافي الديني وإنّما بتحسين نمط الحياة. إنجازاتهنّ تتكرّر في كلّ يوم لما أثبتنه في الساحة الإعلامية بجدارة، فكنّ أول مَن سلك الطريق فوصل، قرّرنَ ففعلنَ، واقتحمنَ مجال الإعلام وقدّمنَ بإطار إنساني ومعالجة موضوعية لكلّ طرح من أطروحات المجتمع، فهنّ قائدات نحو التغيير، صنعنَ عناوين إعلامية لقصص إنسانية ملهمة، وربّما كنّ جزءًا من تلك القصص على مدار الأيام.