عَلَى هُدَى الصَّادِقِينَ

فاطمة صاحب العوادي/ بغداد
عدد المشاهدات : 188

من الذكريات المريرة التي تمرّ على شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ذكرى هدم قبور أئمة البقيع (عليهم السلام) التي باتت وصمة عار على جبين كلّ مَن مدّ يد التخريب نحوها. أمّ جعفر: نجتمع اليوم لنتذكّر إحدى الفجائع التي مرّت على أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم، ألا وهي ذكرى هدم قبور أئمة البقيع (عليهم السلام) للمرّة الثانية في الثامن من شهر شوّال سنة (1925م). أمّ حسين: إنّها فاجعة مؤلمة، ولطالما كان محبّو أهل البيت (عليهم السلام) يستذكرونها عبر إقامة مجالس العزاء. تقدّمت زهراء وقالت: لديّ معلومات عن هذه المقبرة: إنّها تقع في الجنوب الشرقي من المسجد النبويّ في المدينة المنوّرة، وفيها قبور أربعة من الأئمة المعصومين، وهم الإمام الحسن المجتبى، والإمام عليّ بن الحسين والإمام الباقر، والإمام الصادق (عليهم صلوات الله وسلامه). وفيها أيضًا قبور الكثير من الصحابة، فمن المهاجرين عثمان بن مظعون، ومن الأنصار أسعد بن زرارة الأنصاري، وهو أول مَن دُفِن في هذه المقبرة، إضافة إلى قبر ابن النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، وقبور بعض زوجاته. وأكملت زينب قائلةً: تعرّضت هذه المقبرة للهدم الجائر مرّتين، الأولى كانت في سنة (1805م)، والثانية في (1925م)، وهو انتهاك صارخ لحرمة أهل بيت النبيّ الأكرم (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله)، وفي الهجمتين اُرتُكبت جرائم بشعة، من استباحة لحرمات الناس الآمنين، وسلب أموالهم ومقتنياتهم ونهبها. انبرت هدى كأنّها تريد أن تلقي خطبة: والبقيع هو موضع أرم الشجر، والغرقد هو كبار العوسج، والعوسج اسم نبات يكثر في هذه المنطقة، ومنها جاءت تسمية (بقيع الغرقد). أمّ زهراء: أحسنتنَّ يا بنات، وبارك الله فيكنَّ، يبدو أنّ هناك مشاريع تُقام من دون أن ندري! ـ قالتها بدعابة ـ هدى: إنّ البنات على خُطى الأمّهات. أمّ جعفر: الحمد لله، فنِعم البنات أنتنَّ. أمّ زهراء: في هذا الشهر تمرّ علينا ذكرى أليمة أخرى، وهي شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)، محيي الشريعة، والمجاهد في الله حقّ الجهاد. أمّ عليّ: كان عدد طلبة العلم والمعرفة الذين يروون عن إمامنا الصادق (عليه السلام) أربعة آلاف طالب، وبهذا نعلم كيف حمى إمامنا الدين. أمّ جواد: أجل، لقد أعدّ إمامنا الصادق (عليه السلام) أصحابه للتصدّي لشبهات الزنادقة والملحدين، وإبطال البِدع والأفكار المضلّة. أمّ جعفر: نحن نريد أن نقتدي بسيرته في الدفاع عن ديننا عن طريق طلب العلم والمعرفة من منابعها الصافية، وهما القرآن الكريم والعترة الطاهرة (عليهم السلام). أمّ زهراء: زينة مجلسنا بشرى من الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: "لو أنّ شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملائكة، ولأظلّهم الغمام، ولأشرقوا نهارًا، ولأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولما سألوا الله شيئًا إلّا أعطاهم"(1). زينب: سيّداتي الطيّبات، أودّ أن أختم بهذه المعلومة: ففي الـ(15) من شهر شوال في السنة (7) للهجرة رُدّت الشمس لإمامنا أمير المؤمنين (عليه السلام) (2)؛ لتُضاف منقبة أخرى إلى مناقبه التي لا تُحصى. ................................... (1) ميزان الحكمة: ج ٢، ص ١٥٤١. (2) الإرشاد: ج ١، ص ٣٤٥.