اِحتِوَاءُ المَشَاكِلِ الزَّوجِيَّةِ
إنّ احتواء المشاكل الزوجية مهارة تنمّ عن العقل والحكمة، فمَن امتلك قواعد هذه المهارة استطاع أن يسير بمركب حياته نحو الاستقرار والأمان. هل المشاكل لا بدّ من حدوثها في الحياة الزوجية؟ أفلا يُمكن أن تكون هناك حياة زوجية خالية من المشاكل؟ الواقع يخبرنا بأنّه لا بدّ من حدوث الاختلافات في الحياة العامّة، ومن ضمنها الحياة الزوجية، لكن علينا أن لا نحوّل الاختلاف إلى خلاف، فالاختلاف يمكن احتواؤه وإحداث حالة من التقارب حتى يخفّ ويختفي، لكنّ الخلاف يعني حدوث حالة من المشاحنة بين الزوجين، فتنشأ بينهما حالة من التباغض قد تنتهي بالطلاق أو الانفصال الداخلي، وتولّد الحواجز بينهما وينفصلان روحًا وجسدًا وهما يسكنان بيتًا واحدًا. علينا أن ندرك بأنّ المشكلات الزوجية تحتاج إلى الصبر والوقت حتى نتمكّن من حلّها، فتحقيق التقارب بين الزوجين لا يحدث بمجرّد الاتفاق على قرارٍ ومحاولة تطبيقه، بل لا بدّ من أن يدرك الطرفان أنّ الاتفاق على حلّ المشكلة هو البداية، وبعدها يأتي التطبيق، إذ يحتاج إلى جهد وعزم وإرادة لوضع الخطّة ومتابعتها. الفرق بين احتواء المشاكل الزوجية وحلّها: الاحتواء يعني السعي إلى إعطاء الزوجين أساليب مرنة في الحياة؛ لمنع تفاقم المشاكل الزوجية، ولمنع الاختلاف علينا القيام بعملية امتصاص للصدامات الأسرية بطريقة صحيحة غير تراكمية، تعتمد على عوامل تفريغية لبُؤَر التوتّر في العلاقة الزوجية، فالاحتواء لا يقدّم حلولًا جذرية للمشاكل الزوجية؛ لأنّها تحتاج إلى مدّة طويلة للوصول إلى الحلول. والحقيقة أنّ حلّ المشكلات الزوجية يحتاج إلى وقت، فمثلًا عندما يفقد الإنسان جزءًا من جسمه كاليد أو العين، فسيكون الأمر في البداية صعبًا مؤلمًا، لكن بعدها يتكيّف الفرد مع الوضع الجديد، وقد يكتشف مهارات وقدرات لم يكن يعلم بأنّه يمتلكها. وأحيانًا نجد حدثًا ما قد يحصل لشخصين، يتقبّله أحدهما بكلّ سهولة، في حين يصنع الآخر منه مشكلة كبيرة، لأنّ نفسية الإنسان ونظرته للحياة هي التي تحدّد كيف يتعامل مع أحداثها، فالنفوس المرنة القادرة على الاحتواء تستطيع تبسيط الأمور والسيطرة على المشاكل وتفكيكها، حتى لا تتراكم وتجثم على الصدور وذلك لاختلاف نظرتنا للأمور. فالروح المرحة في الحياة الزوجية هي الفائزة؛ لأنّها تملك القدرة على تهوين المشاكل وإذابتها، وتكون مسيطرة على الموقف، وأنّ العصا السحرية في الحياة الزوجية هي التغافل عن الأخطاء البسيطة والتسامح، والمرونة وعدم التدقيق في كلّ كلمة يقولها أحد الزوجين للآخر، بخاصّة وقت الغضب، أو لحظة الانفعال؛ لأنّ ما يصدر حينها يكون ردّ فعل انفعالي مبالغ فيه، وغير معبّر حقيقة عن حجم الشعور الذي ينتاب الفرد.