الذِّينَ يَألَفُونَ ويُؤلَفُونَ

زهراء خضر الموسويّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 171

قد تمرّ سنين عديدة من دون أن تعرفي أخبارها، ثم تلتقين بها لتدركي عندها أنّها مثلما اعتدتِها دومًا. قد تمرّ مناسبات عديدة بلا أيّ نوع من التواصل، لتفاجئكِ بعدها برسالة لا تتجاوز الخمسة أسطر؛ لتفيض بعدها عيناكِ تذكيرًا لكِ بأنّها ما تزال تثير فيكِ الأحاسيس المرهفة ذاتها، قد تختار لكِ أرخص هديةٍ لتكون الأثمن بين الهدايا، هذا ما قصدته بالصديقة. فالصديقة يا صديقتي لا تعاتبكِ، ولا تكون همًّا وعبئًا عليكِ مع هموم الأيام، الصديقة مثلما علّمتني صداقاتي المعدودة هي مَن تثير فينا نوعًا غريبًا من الدفء، ونوعًا من الشوق للحديث معها حتى مع بدايات الصباح وفنجان القهوة، أو الحديث عن الصور الإنسانية التي تُعرض على شاشة التلفاز التي تبكينا في أكثر الأحيان، مثل صورة طفل مهجّر وامرأة كبيرة في السنّ. الصديقة هي مَن لا تحتاجين أن تبدئي كلّ حديث معها بقول: مرحبًا، أو كيف الحال؟ هي مَن تستطيعين أن تستخدمي مقتنياتها، وأن تكوني معها على سجيّتكِ أنتِ لا مثلما يريدكِ الآخرون أن تكوني. أتعلمين معنى أن يكون لكِ صديقة تقول لكِ بأنّكِ قد أخطأتِ، لكنّها لا تسمح لأحد آخر أن يقول لكِ ذلك؟ أن تملكي شخصًا يعرف حقًّا أنّكِ تضغطين على نفسكِ كثيرًا في هذه العلاقات المزيّفة التي تحيطين نفسكِ بها، فهذا ما ندعوه بالصداقة، أن تتصرّفي على سجيّتكِ معها، فتأكلين وتجلسين وتضحكين و.. بدون استخدام ما يُعرف بـ(البريستيج)، فأنا أنا، وأنتِ أنتِ، وهذا ما يجمعنا حقًّا.