رياض الزهراء العدد 181 منكم وإليكم
الأُسرَةُ وَتَحَدِّياتُ العَصرِ الحَديثِ الحَديثِ
في رواية عن ربعي بن عبد الله أنّه قال: قيل لأبي عبد الله (عليه السلام): "جُعلتُ فداكَ، إنّا نسمّي بأسمائكم وأسماء آبائكم، فينفعنا ذلك؟ فقال: إي والله، وهل الدين إلّا الحبّ، قال الله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران:...)"(1). هذه الرواية تعطي معيارًا في العلاقات الاجتماعية، قائمًا على الروح الإنسانية التي تنطلق من العطف والمودّة والمشاعر التي تدفع الإنسان للعطاء والمشاركة الإيجابية، فالإسلام يريد بناء علاقات اجتماعية قائمة على المشاعر الإنسانية؛ لتتجذّر في المجتمع، ويعيش الناس في ظلالها. هذه الإنسانية تبدأ بذرتها في أفراد العائلة الصغيرة في ضمن واجبات شرعية وضوابط اجتماعية عن طريق منافذ عديدة، منها: برّ الوالدين، الأخوّة، صلة الرحم، إظهار المودّة والحنان؛ فالأسرة منبع المودّة والرحمة التي تُترجم عبر الأعمال التي تظهر في تصرّفات الزوج والزوجة، وتنعكس تلقائيًا على الأولاد، بحيث تعود فائدة المودّة والرحمة على باقي أفراد الأسرة بأجمل صورة بدأ برسمها كلّ من الوالدين. الأسرة أساس المجتمع: تمثّل الأسرة الأساس الأول الذي يقوم عليه المجتمع، وتُقاس قوّتها بمدى التمسّك بالدين الإسلامي الذي وجّه الأسرة، وبيّن الحقوق الواجبة على كلّ فرد من أفرادها، وقد بيّنت الشريعة الإسلامية العديد من الحقوق الواجبة لكلّ من الزوج والزوجة، والأب والأمّ، والأخوة وسائر أفراد الأسرة، وينبغي الالتفات لها والتقيّد بشروطها الموجبة، حتى تنعم بما فيه خير الدنيا والآخرة وصلاحهما. وظيفة الأسرة: إنّ ربّ الأسرة بمنزلة ربّان السفينة الذي يخرج الأفراد من عنده إلى المجتمع بما يحملون من قِيم ومفاهيم لينهضوا به، وينعكس على سلوكهم ويمثّلون نهضة إنسانية في المجتمع، فللأسرة وظيفة أساسية، هي صنع الإنسان السليم من جميع النواحي: الجسمية، الروحية، الفكرية، النفسية. .......................... (1) بحار الأنوار: ج ٢٧، ص ٩٥.