رياض الزهراء العدد 181 منكم وإليكم
تَركِيبَةُ القَلبِ
القلب ليس عضوًا حيًّا في جسم الإنسان فحسب، بل تركيبة متكاملة من المشاعر، حيث ينتقل من حال إلى حال، فهو يبكي شوقًا، حبًّا، امتنانًا، انكسارًا. تركيبة مذهلة، غير قابل للصمت؛ لأنّه يستوعب هذا الكمّ الهائل من التقلّبات التي تحيط بالمرء كلّ يوم، يستوعب ما حلّ به، فيغيّر حياة الإنسان من حال إلى حال، إذ يخلق اضطرابًا في أعماقه؛ لأنّه ليس من حديد أو حجر. لطالما اقترن القلب بالجمال في كلّ موطئ قدم، لينتقل من قيود الدنيا وسجنها إلى حرّية السماء. هذا العضو سرّ من الأسرار، وما أجمله حين يمتلئ بالعشق الإلهي، ما أجمله حين يعبر حدود السماء عند كلّ تسبيحة، وفي كلّ صلاة ودعاء. هذا القلب يشتعل نارًا حين يعشق بصدق، حيث يجرّد النفس من السوء، وكيف لا يكون جميلًا عندما يكون العشق طاهرًا نقيًّا، هذا القلب وُهِب لنا ليكون اختبارًا إلهيًّا، وشاهدًا على أرواحنا. ربّما حان الوقت لنشكر القلب وخالقه، يجب أن نمنحه امتنانًا حقيقيًا، فهو من أجمل النِعم، لنتذكّر دائمًا أنّ الله تعالى أحاط أرواحنا بالبلايا لنستشعر أبداننا وعقولنا، ونحافظ على تركيبة القلب، ولا ندنّسه بالخطايا، ولنتذكّر دومًا بأنّ الله سبحانه وتعالى يرى ما في قلوبنا، ويعلم كلّ ذرّة نحملها بدواخلنا.