رياض الزهراء العدد 181 ألم الجراح
أَصدَاءُ العِيدِ فِي سَامُرَّاءَ
على عادتها القديمة في أيام العيد.. تفتح أبواب ضريحها المقدّس.. وترتفع تكبيرات المؤذّن في مآذنها.. تشكر الله على إتمام نعمة الصيام.. وتهنّئ الصائمين على قبول عباداتهم.. وتهيب بهم أن يتجمّعوا لأداء صلاة العيد شكرًا لله؛ لرحمته وتوفيقه لأداء فريضة الصيام.. وعلى عادة أهلها تشرئبّ أعناقهم متطلّعين إلى ما هو آتٍ.. فأرضكِ يا سامرّاء الخير، تكتنز الخيرات وتنتظر مَن يكتشفها.. وتربتكِ تشتاق إلى وقع خُطى الوافدين إليها.. فيشعر كلّ مَن وطأها بالقوّة والبسالة التي تسري بداخلها.. على العادة، ما تزال مراكب الناجين تتلو بعضها بعضًا.. وقوافل التائبين تهفو إليكِ، يحدوها الرجاء.. ومواكب العائدين تمضي على امتداد الزمن، وتعود إلى عشقكِ فتكسوهم إشراقة الإيمان، ونفحات الرضا.. وأنس الخلوة بين الرجاء وجمال الطاعة.. يشقّ صمت الليل الكئيب الطويل.. وهم يحدّثون أنفسهم بفتح صفحة جديدة بعد أن مرّ الشهر الفضيل.. عنوانها التوبة، ومدادها الشوق إلى طاعة الله.. وكتابتها الحسنات.. حروفها تزدهي بقوافي العشق الإلهي الجميل... ليصدح صوتها الذي كان ممنوعًا من الوصول.. أجل، فما كان محظورًا بالأمس من البوح بما يجول في القلوب.. أُطلق اليوم ما كان أسيرًا بين الضلوع بين دهاليز سامرّاء.. بشوق ولهيب تُحار الألباب في مغزاه.. سامرّاء الخير: ها هو كيان الوافدين المتبرّكين بكِ اليوم.. قد امتلأ بهذا النور الساطع العتيد الذي يتألّق من قبّتكِ الذهبية.. أمنًا وأمانًا لفؤاد الملهوف.. حيث ملتقى الخير العميم.. والشرف الأقدس المحتضن لنور الوصيّين العسكريّين (عليهما السلام).. حيث يجثو كلّ شريف أمامكِ متصاغرًا لعظمتكِ، مبهورًا بأنواركِ.. مأسورًا بنبرات مآذنكِ الرقيقة.. فهي أرقّ ما قد تسمعه الأرواح في كلّ آن.. ويمتلئ الوجدان بنعمة وجود نفحات العيد.. التي تحيطكِ بهالات من السعادة والهناء.. تُبهج كلّ مَن نظر إلى قبّتكِ، فينكشف همّه، وتزول آلامه.. ويضيء محيّاه ببسمة زاهرة تلامس قلوب أهل العشق والإيمان.. ويُجبر كسر خواطرهم.. فأنّى للحزن أن يمسّ تلك النفوس.. وهي محاطة برعاية الباري في كنف هذه الأرض المقدّسة..