أَطفَالٌ لِبَعضِ الوَقتِ

خلود ابراهيم البياتي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 197

من أجمل المراحل التي يعيشها الإنسان هي مرحلة الطفولة، وما يصاحبها من مشاكسات ومغامرات وربّما الكثير من المشاحنات من قِبل المحيط الذي يكون في أغلب الأحيان غير واعٍ على أهمّية هذه المرحلة وجوهريّتها في شريط حياة الإنسان المتلاحق الأحداث بصورة مترابطة، لا تنفكّ عن كونها أساسًا متجذّرًا في مستقبل المجتمع، وليس الفرد الواحد فقط . وممّا يلفت النظر أنّ لوحة الحياة تُرسم بريشةٍ تتلاقفها الأيدي بين محبّ مهتمّ بدافع الحرص على مصلحة جميع الأطراف، وبين مخادع ماكر لا يبتغي سوى مصلحته الشخصية التي تحدّد كلّ مسارات حركته، أو يكون هو من ضمن مخطّطات الآخرين، وجزءًا من الأدوات التي يروم عن طريقها تمرير أهدافهم التي تشكّل مِعوَل هدم للبُنى التحتية في المنظومة الفكرية؛ لتوصل المجتمع إلى الهاوية، فترى توجّهات ذاك الطفل المسالم وعقائده تتقاذفها الرياح العاتية؛ لتجعل كلّ محاولة للإبداع تتلاشى وتذهب أدراج الرياح، وكلّ رغبة في مجرّد التفكير بأيّ جديد تواجه الصدّ الذاتي قبل الخارجي. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ من أبرز معالم مرحلة الطفولة هو الخيال الخصب، والتفكير اللامحدود خارج الصندوق الذي لو تمّ استثماره بالشكل الصحيح، وتعزيزه بالمستوى المطلوب لقمنا ببناء مجتمع متميّز يمتلك من الإبداع والشعور بالقيمة والأهمّية ما يجعل الارتقاء بالعلم والعمل غاية الجميع التي يُبذل من أجل الوصول إليها كلّ ما هو ممكن ومتاح . ولنتخيّل لبرهة من الوقت: لو أنّنا فكّرنا بطريقة الأطفال، فإلى أين سنصل؟ ولو تمّ السماح لتلك الأفكار أن ترى النور، وقُدّر لها أن تتنفّس الصعداء، فماذا كان سيحدث؟ دعونا نتجوّل قليلًا بين مروج الإبداع اللامتناهي الجمال، فلو أنّ من ابتكر السلّم الكهربائي قام بالتفكير بطريقة الكبار، ووضع تفكير الأطفال في زاوية مظلمة مقيتة، لما كنّا وصلنا إلى سهولة الحركة وسرعتها عن طريق الوقوف على درجات السلّم عوضًا عن حركة الجسد، ولو تخيّلنا أنّ شخصًا ما قام بالتفكير بصوت عالٍ بأنّه يريد أن يتحدّث مع آخر يبعد عنه مسافات طويلة في اللحظات ذاتها، لكان أبسط ما يواجهه هو عبارات الاستهزاء والصدّ. نحتاج كثيرًا إلى أن نطلق العنان للأفكار، ونستثمر المفاتيح الطفولية، ألا وهي السؤال الذي يَتْبعه سؤال، فمن كلّ نقطة نجد نقاطًا متفرّعة ومتشعّبة جدًا، وسيتّسع أفق الأفكار الثريّة بالإبداع، لنصل إلى الراحة الجسدية والنفسية معًا.