رياض الزهراء العدد 183 لحياة أفضل
الكُفْءُ فِكرَةٌ عَظِيمَةٌ
إنّ من متطلّبات الحياة الطيّبة قيام مشروع هادف وسامٍ يجعل النفس البشرية أكثر استقرارًا، وأفضل سلوكًا. ولقيام هذا المشروع بهدف استمرار الحياة على الأرض لا بدّ من الحثّ على الزواج، لكن يبقى السؤال: هل هذا الزواج يتمّ عن طريق الاختيار العشوائي، أم هل على الفتاة الخضوع إلى ضغط من قِبل أحد الأطراف المعنيّة لتتقبّل هذا الأمر؟ أم هل علينا النظر فقط إلى المادّيات على أنّها من متطلّبات الحياة الزوجية الأساسية؟ ما الأنسب لقيام حياة متكاملة خالية من الضياع؟ ربّما مستقبلًا علينا الاكتفاء بهزّ الرؤوس بالإيجاب فقط، أم هناك موقف حازم تجاه موضوع حسّاس كهذا؟ للإجابة عن جميع ما تمّ طرحه سنستشهد بحياة خير قدوة أُخرجت للناس، بنت حبيب الله فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فلو دققّنا قليلًا في حيثيّات زواجها المبارك، لوجدنا أنّها لم تنظر إلى المادّيات، ولم تسعَ وراء أمر غير مسألة (الكُفء). إذًا، مَن سيكون كُفؤًا للمؤمنة؟ مَن صاحب الدين الذي تستطيع المرأة أن تستند عليه وتشدّ عضدها به؟ مَن المناسب فكريًا؟ فالإمام عليّ (عليه السلام) كان كفء الزهراء (عليها السلام) الأمثل والأقدس، ويأتي دور المؤمنة المقتدية التي تسعى إلى تكوين عائلة ذات قوام متين ومتماسك يكون لها دور في المجتمع، فمشروع الزواج ليس مشروع مادّيات؛ لأنّ المادّيات زائلة وتضمحلّ أيّما اضمحلال، لكن الأمور المعنوية هي التي تلازم الإنسان ولا تنفكّ عنه، وما أجمل تلك الفتاة التي تتأنّى من أجل الحصول على كفء لها، مَن يوافقها في الدين، ولديه صفات الرجل صاحب الأخلاق الحميدة، مَن تتحمّل ضجر أهلها وانزعاجهم لكثرة رفضها الدائم؛ لأنّها تبحث عن شخص يعينها على دينها ودنياها، تلك التي تتريّث، لا لأنّها لا تتحمّل المسؤولية أو لأنّها مزاجية، بل تريّثها من أجل بناء حياة متكاملة خالية من عوامل الهدم والضياع، وتريّثها لأنّها تعلم يقينًا مدى خطورة الاختيار من دون إلمام تامّ بشخصية مَن سيكون زوجًا لها.