رياض الزهراء العدد 183 لحياة أفضل
الزِّيجَةُ المِثَالِيَّةُ فِي العَالَمِ
جاء الإسلام دينًا متكاملًا، واضعًا لكلّ شيء في حياة الإنسان نظامًا معيّنًا معقولًا يسير عليه الفرد؛ ليحوز السعادة، وأهل البيت (عليهم السلام) خير قدوة للبشرية في السير على هذا النظام، فأصبحوا أنموذجًا كاملًا للحياة المثالية، فنرى حياة الإمام عليّ (عليه السلام) والسيّدة الزهراء (عليها السلام) حياة مثالية، وزواجهما الأنموذجي مليء بالسعادة ورضا الله (عزّ وجلّ)، على الرغم من صعوباتها ومشقّاتها، حيث كانا خير زوجين، يسند أحدهما الآخر ويقفان مع بعضهما في السرّاء والضرّاء. ابتدأ زواجهما المبارك بمهرٍ قليلٍ عملًا بحديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): "الشؤم في ثلاثة أشياء: في الدابّة، والمرأة، والدار، فأمّا المرأة فشؤمها غلاء مهرها..."(1)، فمن أهمّ متطلّبات الزوج هو الدين والخُلق الرفيع، وليس المادّة. وعنه (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "إذا جاءكم مَن ترضون خُلُقه ودينه فزوّجوه ..."(2)، وتزوّجا (عليهما السلام) بمهرٍ قليل جدًا، عبارة عن ثمن درع أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبأثاثٍ قليل، وحاجاتٍ بسيطة جدًا، تاركين لنا رسالة نُقِلَت عبر التأريخ: أنّ نجاح الحياة الزوجية والسعادة ليست بغلاء المهر، ولا بالمال أو الأثاث، بل بالتقوى، والرضا بما قسم الله تعالى، والتفاهم بين الطرفين، والاختيار الصحيح للشريك، على عكس ما يحدث في زماننا، حيث نرى غلاء المهور، وطلبات أهل الفتاة الكثيرة، ممّا تسبّب في عزوف بعض الشباب عن الزواج، وهناك مَن له القدرة على تلبية جميع الطلبات، إلّا أنّ زواجه سرعان ما يؤول إلى الخراب؛ لأنّ أساسه المادّة؛ لذلك نرى نِسب الطلاق المرتفعة في زيجات لا يتجاوز عمرها الأيام أو الشهور، فلو كان شبابنا يقتدون بخير البشر وقادتهم لَصَلُحَت حياة الفرد والمجتمع، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال وهو يصف سيرته وسيّدة نساء العالمين (عليها السلام) النورانيّة: "فو الله ما أغضبتُها، ولا أكرهتُها على أمر حتى قبضها الله عزّ وجلّ، ولا أغضبتني، ولا عصت لي أمرًا، ولقد كنتُ أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان"(3). ............................................... (1) جامع أحاديث الشيعة: ج 21، ص 204. (2) الكافي: ج ٥، ص ٣٤٧. (3) بحار الأنوار: ج ٤٣، ص ١٣٤.