رياض الزهراء العدد 183 منكم وإليكم
بَاقِرُ عُلُومِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ
إمام من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، يُقرئه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) السلام، وكان ذلك في عهد الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ، حيث يروي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قائلًا: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): "يا جابر، يُوشك أن تبقى حتّى تلقى ولدًا لي من الحسين يُقال له محمّد، يبقر علم النبيّين بقرًا، فإذا لقيتَه فاقرأه منّي السلام"(1)، فيلتقي جابر بالإمام الباقر (عليه السلام) بعد سنين، ويبلّغه سلام جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فيتعجّب الناس. الإمام الباقر (عليه السلام) هو خامس أئمة الهدى (عليهم السلام)، وأول مَن ينحدر من الرسول (صلّى الله عليه وآله) أمًّا وأبًا، فوالده الإمام زين العابدين (عليه السلام) وأمّه السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السلام). أدرك زمان جدّه الإمام الحسين (عليه السلام)، وصرف عمره الشريف في نشر الدين وعلوم آل محمّد (صلوات الله عليهم أجمعين). رُويت عنه الكثير من الروايات في مختلف المجالات، كالتوحيد، والفقه، والأخلاق، فبدأت معتقدات الشيعة تتبلور في عهد إمامته (عليه السلام)، وهو مؤسّس علم الأصول، فقام العلماء بجمعه وترتيبه. ملأت علومه الخافقين، فكانت منارًا للناس كافّة، وعن جابر بن يزيد الجعفيّ أنّه قال: قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام): "يا جابر، أيكتفي مَن انتحل التشيّع أن يقول بحبّنا أهل البيت؟ فو الله ما شيعتنا إلّا مَن اتّقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون يا جابر إلّا بالتواضع، والتخشّع، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والتعهّد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة، والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلّا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء"(2). عاش الإمام الباقر (عليه السلام) في عهد سبعة من حكّام بني أمية الظالمين، وشهد الكثير من المِحَن والأذى الوارد على شيعة أهل البيت (عليهم السلام). ارتحل (عليه السلام) في اليوم السابع من شهر ذي الحجّة سنة (114) للهجرة، ودُفِن في المدينة المنوّرة مع أبيه في البقيع الغرقد بعد أن دُسّ إليه السمّ في عهد هشام بن عبد الملك، حيث يذكر التاريخ أنّ أيادي كثيرة من بني أمية اشتركت في دسّ السمّ إليه، فالسلام عليه يوم وُلِد، ويوم استُشهد، ويوم يبعثه الله مقامًا محمودًا. ...................................... (1) بحار الأنوار: ج ٤٦، ص 296. (2) أمالي الشيخ الصدوق: ص 725.