رياض الزهراء العدد 183 منكم وإليكم
أَعلامُ الهِدايَةِ.. الإِمامُ عَلِيٌّ الهَادِي (عليه السلام)
إنّ حياة الإمام الهمام عليّ بن محمّد الهادي (عليه السلام) مليئة بالأحداث كبقيّة أئمة أهل البيت (عليهم السلام). وُلِد وتربّى في كنف أبيه الإمام محمّد الجواد (عليه السلام)، وبعد شهادة أبيه تولّى هداية الأمة. أظهر الإمام الهادي (عليه السلام) علومه التي بهرت العقول وحيّرت العلماء، وبيّن العقائد الصحيحة، وفنّد العقائد الباطلة، والنظريات الخاطئة، وعمّق المعارف الإسلامية في نفوس الناس. تصدّى (عليه السلام) لمحاربة الفِرَق الضالّة، وحذّر الشيعة منها، وأمّا الحكّام العبّاسيون، فقد كانوا يلجؤون إليه في حلّ مسائلهم. ومن جانب آخر كان المتوكّل العبّاسي يقيم المناظرات العلمية بهدف هزيمة الإمام (عليه السلام)، لكن في كلّ مرّة تبوء محاولاته بالفشل؛ لأنّ الأئمة (عليهم السلام) هم خُزّان العلم ومنبعه، ولا يعلو عليهم أحد. وقال المتوكّل لابن السكّيت يومًا: سلْ ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي، فسأله فقال: لِمَ بعثَ الله موسى بالعصا، وبعث عيسى (عليه السلام) بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، وبعث محمّدًا بالقرآن والسيف؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): "بعث الله موسى (عليه السلام) بالعصا واليد البيضاء في زمانٍ الغالب على أهله السحر، فأتاهم من ذلك ما قهر سحرهم وبهرهم، أثبت الحجّة عليهم، وبعث عيسى (عليه السلام) بإبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى بإذن الله في زمانٍ الغالب على أهله الطبّ، فأتاهم من إبراء الأكمه، والأبرص، وإحياء الموتى بإذن الله، فقهرهم وبهزهم، وبعث محمّدًا بالقرآن والسيف في زمانٍ الغالب على أهله السيف والشعر، فأتاهم من القرآن الزاهر، والسيف القاهر ما بهر به شعرهم، وقهر سيفهم، وأثبت الحجّة عليهم، فقال ابن السكّيت: فما الحجّة الآن؟ قال: "العقل، يُعرف به الكاذب على الله فيُكذّب"(1). .................................. (1) بحار الأنوار: ج ٥٠، ص ١٦٤ـ 165.