صَرحُ المَوَدَّةِ

آيات مالك الخطيب/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 210

على متن قارب السعادة، وبين شُطآن المودّة، سارت رحلة نورين من ميناء العطاء المتبادل إلى أعماق أسرار محيط الهناء الأبديّ. هي ليست مسيرة زواج فحسب، فلم تكن رحلة ليوم أو يومين، بل كانت مسيرة أعوام في حياة عليّ وفاطمة (عليهما السلام)، تلخّصت في سنينٍ تسع، لكنّها أصحبت منهاجًا لكافة الناس بأسس متينة، يتعلّم منها كلّ مَن يريد الاستقرار في العشّ المذهّب، أو مَن مرّت حياته وهو في كنف بيت العنكبوت، فعمد إلى تصحيح مفاهيمه المغلوطة؛ ليعيد بناءه بالزبرجد والياقوت. ربّما لو حاولنا الغوص في هذه الرحلة وتتّبعنا كلّ الطرق التي سارت بها، على الرغم من المعوّقات والأمواج المتلاطمة الملازمة لها طوال الحقبة الزمنية لزواجهما، فسنجد الكثير من الأسس التي بنت هذه العلاقة المتينة عن طريق ما قاما به، ممّا أعطى لكلّ فرد منهما حقّه من الاهتمام بشؤون الطرف الآخر، وبالإنصات، والاحترام المتبادل، وتجنّب سوء الفهم، والإيثار، وتقدير الجهود، وغيرها من الأساليب الأخلاقية في التعامل بينهما. إنّ التطرّق إلى ذكرى زواج النورينِ من دون المرور على الدروس القيّمة المُستلهمة من حياتهما الزوجيّة المحفوفة بالهدوء والسكينة لهو إجحاف كبير لما قدّماه لنا، فالإمام عليّ (عليه السلام) هو السند العظيم المؤازر لزوجته، العطوف الرؤوف على أهل بيته، حَسَن المعشر، كريم الخُلُق. وخير قدوة لكلّ زوجة هي خير النساء السيّدة الزهراء (عليها السلام)، فكانت الزوجة المطيعة الحانية، الصبورة المدبّرة، الحكيمة العطوفة، أنيقة اللسان، سليمة الوجدان، مستبشرة بشوشة بوجه الإمام (عليه السلام). كيف سنقتبس من صفاتهما، أو نستقي من مواقف حياتهما طُرقًا حكيمة لتجاوز الأزمات العائلية، وبناء صروح تحمي أُسَرنا بدلًا من أن نبني جدرانًا تحول بين القلوب.