(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ...)(1)

مريم حسين العبودي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 470

إنّ الصبر عادة كريمة، واكتساب أيّ عادة جديدة يحتاج جهدًا مستمرًّا، وللمحافظة على هذا الجهد، فإنّكِ تحتاجين إلى دافع قويّ، يأتي بدوره من معرفة الفوائد التي ستعود عليكِ من هذه العادة. إنّ اكتساب عادة الصبر له فوائد متعدّدة، فالصبر يؤدّي إلى التفوّق، وحينما يرغب أحدنا بإتقان عادة معيّنة، فإنّه سيحتاج إلى أشهر أو سنوات من التدريب المستمرّ والجهود المضنية والممارسة المقترنة بالصبر، مثلما أنّ الصبر يطوّر القدرة على اتّخاذ القرارات؛ لكونه يجعلنا بمعزل عن التخيّلات المروّعة التي قد تفسد أحكامنا وآراءنا الشخصية، وينأى بنا عن اتّخاذ قرارات سريعة نابعة من شعور لحظيّ أو أفكار غاضبة، إضافةً إلى أنّه يُطيل العمر، فعندما يغضب الإنسان يفرز جسمه هرمونات التوتّر المرتبطة بأمراض نقص المناعة، والقلب وغيرها. ويساعد الصبر على تكوين علاقات قويّة، فالأشخاص محدودو الصبر يميلون إلى فقدان الثقة بمَن حولهم، وهذا ما يقود إلى إنشاء حياة اجتماعية غير صحّية في المستقبل. يمتلك كلّ فرد منّا مجموعة من المفاهيم التي تحدّد مساره في الحياة، ويُعدّ الصبر الأساس الجوهريّ لكلّ مفهوم من هذه المفاهيم، فهو المقوّم لكلّ خطوة نحو تكوين ذاتٍ متكاملة. إنّ النظر للذات على أنّها في طور التعلّم، هو ما يُكسبها قابلية الصقل المستمرّ بعد كلّ تجربة يخوضها المرء في هذه الحياة، ولا يمكن إبصار حكمة الصبر الذي تُدار به الحياة إلّا بعد رؤية نتائجه. ستحصلين على التعويض الذي يليق بصبركِ، فكوني على يقين بأنّ المقادير تجري بحكمة إله مُدبّر لا يغفل عن عباده مقدار طرفة عين، ولن يُسلّط الضوء على تلك التفاصيل التي حيّرتكِ وأذهبت بعقلكِ، فالعِباد يسعون للعيش في هذه الحياة بأقلّ قدر من التعثّر، وأكبر قدر من الصبر، مع إيمان عميق بأنّهم حال وقوعهم ستُمدّ إليهم أيادٍ مُنقذة، يكفي أن تؤمني بها لتظهر. .......................... (1) البقرة: 155.