أَشُكُّ فِي نَرجِسِيَّةِ البَشَرِ!

زينب نعمة مروة/ لبنان
عدد المشاهدات : 229

اختنقت لغة الحبّ انتظارًا في المُقَل، وها هي تجود بنفسها، ورحلت لغة الصدق حسرةً، تجرجر أذيال الخيبة بعد أن وجدت نفسها مُهملَة على رفّ مهجور، وسرح النفاق في حنايا القلوب، فقُتِلت الرحمة، ونصب النفاق لغةً رسمية سرت على الألسن في كلّ المناسبات والمواسم، وفي كلّ الآفاق حتى في الأحلام! هي لغة تعيش في البرّ والبحر، وفوق الغيمات، مخترقة ما فيها من مطبّات! وهي تفتقد لقواعد ثابتة، أو لعلّ قواعدها مغروسة في رمال متحرّكة، وحروفها وجوه متلوّنة! أَوَ ليست خيوط لغة النفاق يا سادة هي السبب في انعقاد العلاقات الواهنة التي تثمر تفكّكًا اجتماعيًا نتيجةَ هيمنة الخداع وغياب الصدق؟! أَوَ ليس الحبّ كيانًا عاطفيًا لا يتجزّأ؟ وكذا الصدق والنبل؟ أيمكنني أن أقتطع من ذاك الحبّ جزءًا أدّخره لنفسي، فأكون نرجسيّةً وأحوّل باقي الأجزاء إلى بغض وحسد تجاه الآخرين؟! كيف يمكن أن أكون صادقة في موقف ثمّ أكذب في مواقف أخرى؟! فهل أستحقّ صفة الصدق حقًّا؟! فالحقيقة إنّني أرتدي قناعه لمرحلة معيّنة، بعدها تتألّق حُلَّةُ النفاق! ومن ثمّ فالصدق لا يكون متأصّلًا فِيَّ، وقيسي على ذلك كلّ القيم الأخرى: كالحبّ والتواضع والإيثار والعطاء. إن كان الإنسان محبًّا، فسينبض قلبه بتلك العاطفة الرقيقة دائمًا، وإن جفّت فيه مات! أوَ لم يأتِ رسولنا الكريم (صلّى الله عليه وآله) ليُتمّ مكارم الأخلاق؟! أليس رسول المحبّة والسلام مَثَلنا الأعلى؟ فهل استطاع البغض استراق بضع نبضات من قلبه حينما زرع اليهوديّ مدخل منزله بنفايات حقده؟ كلّا. وهل أَحبَّ (صلّى الله عليه وآله) فقط مَن صدّقه وآمن به؟! أَوَ لَمْ يَعُد من إسرائه ومعراجه حزينًا على حال مَن سيُعاقَب مِمَّن كذّبه ولم يلتزم بتعاليم الله تعالى؟! لو أنّ البشرية أحبّوا أنفسهم، لَسَعوا إلى نشر العدالة والسلام المُطْلقَيْنِ في كلّ أرجاء المعمورة، ولَما سعت كلّ فئة منهم إلى تحقيق مصالحها على حساب الآخرين، أَوَ ليس من ثمار تلك النرجسيّة المتوحّشة العنصريّة نشر مشاعر الغبن، ومن ثمّ الحسد والبغض وصولًا إلى تفشّي الظلم بين البشر؟! فهل سيعيش هؤلاء في راحة وطمأنينة في ظلّ تلك المشاعر المحيطة بهم؟! لو أنّ الآدميّين أحبّوا أنفسهم حقًّا لأحبّوا نظراءهم في الخَلق، ولسادت المحبّة والتعاطف والتعاضد فيما بينهم لتأمين حياة هادئة للجميع. لذلك فأنا أشكّ في نرجسيّتهم! إذ ربّما كانت تلك النرجسيّة أحد أقنعة النفاق التي يرتدونها أمام مرآة ذواتهم!