"خير الأُمور خيرها عاقبة"

منى إبراهيم الشيخ/ البحرين
عدد المشاهدات : 526

سبق الحديث عن بعض مصاديق الخير الحقيقي والشرّ الحقيقي، وفي هذه المقالة سنسلّط الضوء على بعض العلامات والمعايير التي تشخّص الأفضل من الأمور، سواء الطريقة الأفضل، أو السلوك الأحسن، فقد رُوي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "خَيرُ الأُمورِ خَيرُها عاقِبَةً"(1)، فقد يكون أمام الإنسان عدّة خيارات وأمور، وكلّها خير، لكن يتفوّق بعضها على بعض في الفائدة والنفع، والإسلام يحثّ على العمل بالأحسن والأفضل عن طريق بعض العلامات والمعايير، منها: 1ـ الخاتمة والعاقبة: لكلّ فعل نتيجة وعاقبة، ونتائج الأعمال تتفاوت، وكلّما كانت نتائج فعل ما أحسن وأفضل وعاقبته أكثر خيرًا، فهذا دليل على كون هذا الفعل أفضل من غيره، فالفعل يكمن في عمره الزمني؛ فقد تكون مدّته ثوانٍ معدودة لكنّ آثاره تمتدّ لسنين، فمثلًا ركعتان يصلّيهما العبد تطوّعًا فيها خير كثير، ففيها تقرّب إلى الله تعالى وتربية للنفس، وحلّ مشاكل الآخرين وإصلاح ذات البين والعلاقات أيضًا خير، لكن أيّهما أفضل؟ بالطبع الثاني أفضل؛ لأنّ عاقبته أفضل، والدائرة التي تستفيد منه تتجاوز الفرد ليستفيد منه أفراد في ضمن الأسرة الواحدة أو أُسر في ضمن المجتمع، وقد ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "ألا أخبِركم بِأفضل مِن دَرَجَةِ الصيام والصلاةِ والصدَقةِ؟ إصلاح ذاتِ البَينِ..."(2). 2ـ الوسطية والاعتدال: فقد ورد عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) أنّه قال:" خير الأمور أوْسَطُها"(3)، أي أن لا يكون هناك إفراط ولا تفريط في الأمور، ففي الأخلاق مثلًا التكبّر والغرور مذموم، ويقابله الضِعة والذلّ، فهو مذموم أيضًا، وبين هاتين الصفتين يكون التواضع الذي يجتمع في شخصية قوية، لكن مع لين وحلم، وفي الإنفاق الإسراف والتبذير مذمومان، والشحّ مذموم، بينما الإنفاق باعتدال هو الكرم، مثلما قال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) (الأسراء:29)، فالاعتدال يعني أن يكون الإنسان ذا يد مفتوحة بشكل معقول من دون أن يصفّر حسابه، ثم يلوم نفسه. 3ـ العدل والإنصاف: ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "ليكن أحبّ الأمور إليكَ أعمّها في العدل وأقسطها بالحقّ..."(4)، فليس بالضرورة أن تكون هناك عدّة خيارات، بعضها يؤدّي إلى الظلم والآخر يؤدّي إلى العدل والإنصاف، بل قد يكون بعضها أكثر إنصافًا وعدلًا، وقد تكون بعض الخيارات إذا قُدّمت، يعمّ خيرها وعدلها عددًا أكبر من الناس، وهو الأفضل وهو خيرها. ................. (1)ميزان الحكمة: ج1، ص846. (2)ميزان الحكمة: ج2، ص1622. (3)ميزان الحكمة: ج1، ص846. (4)موسوعة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام): ج7، ص119.