رياض الزهراء العدد 200 عطر المجالس
زين أبيها
ولادة مميّزة، والفرحة محاطة بأسوار الدموع، وتختلط الآلام بالآمال، وعلى الرغم من ذلك تبقى الوليدة الميمونة منارًا للإباء، وإشراقة ساطعة من نور محمّد (صلّى الله عليه وآله). ثوب طاهر نسجته عفّة فاطمة (عليها السلام)، قلب لا يعرف الخوف، ولسان بالحقّ صادح ورثته عن عليّ (عليه السلام)، ولها من أخيها الحسن (عليه السلام) الهيبة، ومع الحسين (عليه السلام) شراكة لا تنتهي، هي شراكة الإصلاح. اجتمعت الثلّة الطيّبة كالمعتاد بوجوه مطمئنّة وعيون كأنّها الماء الرقراق، يتلألأ عبره الأمل بحياة يسودها العدل والسلام. زينب: اليوم ذكرى ولادة السيّدة الحوراء زينب (عليها السلام)، فكّرنا أنا وأخواتي أن تكون ذكرى ولادتها دعوة للاقتداء بها، فلا أنسى ذلك اليوم الذي كلّمتني فيه جدّتي ـ رحمها الله ـ وهي تلبسني لأول مرّة تاج العفاف: (حجابي)، وقالت لي: دعائي لكِ أن تكوني فاطمية الإيمان، زينبية الخُطى. أمّ عليّ: ومن حُسن حظّكِ أن تكوني سميّة بنت أمير المؤمنين (عليه السلام)، سمّاها جدّها رسول الله وهي (زين أبيها) ومعنى زينب: الشجرة الحَسنة المنظر، الطيّبة الرائحة. زهراء: كلّما ذُكر الصبر تصدّر اسمها (عليها السلام)، وما إن نتحدّث عن العفّة والحجاب، كانت الأنموذج الأروع. زينب: لشخصيتها (عليها السلام) صفات تكشف عن سموّ الروح، وعمق الإيمان، وشجاعة القلب، وفصاحة اللسان. زهراء: لكون الصراع بين الحقّ والباطل مستمرًّا؛ لذا نقتدي بها في الدفاع عن ديننا ومبادئنا في الوقت الذي كثر فيه الفساد، وانتشرت الشبهات. زينب: ولأنّها واجهت المصائب والصعاب محافظة على عفّتها وحجابها؛ فهي قدوتنا، بخاصّة في المجتمعات التي ترى الحجاب عائقًا عن النجاح والإبداع. زهراء: أجل، فقبل واقعة الطفّ كان بيتها محفلًا عامرًا بتعليم النساء القرآن وتعاليم السماء؛ لغزارة علمها، فهي ربيبة النبوّة والإمامة. نبأ: لم تترك قيام الليل حتى في الليلة التي فقدت أهلها وأحبّتها، فهي عابدة آل عليّ (عليه السلام)، ومشت في رحلة السبي، فضلًا عن مسؤوليتها تجاه إمام زمانها بالحفاظ على حياته، لكنّها بقيت متماسكة قوية العزم. أمّ عليّ: كلّ ما جرى عليها من مصائب، لم يُنسِها تكليفها بكشف الوجه القبيح لبني أمية، وقذارة أنفسهم، فشاركت إمامها وأخاها مسيرة إصلاح أمة جدّها. الثلّة الطيّبة والفتيات أطلقنَ العنان للعبرات والدموع، حتى في ذكرى مولد السيّدة زينب (عليها السلام) امتزجت الفرحة بالعَبرة، وهذه الدموع ستكون دموع فرح وابتهاج بظهور قائم آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)، الآخذ بحقّهم، محيي الشريعة، وناشر راية المحبّة والعدل والسلام.