ابنتي والأمل

زينب عبد الله العارضي/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 247

بنيّتي الحبيبة: يا أمل المستقبل، وروعة الحاضر، وجمال الأمس، أعيذكِ بالله تعالى من شرّ الإحباط واليأس، كوني مثلما عهدتُكِ قوية مُلهِمة، لا تنحني أمام إعصار قادم، ولا تتراجعي بسبب همٍّ جاثم، واجعلي من صعوبات الحياة أفضل مدرسة وأروع معلّم. احذري من تسلّل عناكب القنوط إلى داخلكِ، وامنعيها من بناء أوكارها في صفحة أفكاركِ؛ فمتى استوطنت هناك، سُدّ محراب الرجاء في وجهكِ، وأُغلِق باب الإبداع دونكِ، حينها ستزداد أوجاعكِ، وتكبر صغائر همومكِ. قد تعصف بكِ دنياكِ، وتبارزكِ بأوجاعها وإخفاقاتها، وتكشّر بقسوة عن أنياب مشكلاتها وويلاتها، وقد ترينها جادّة في تحطيم صروح بنيتِها، وعلّقتِ الكثير من آمالكِ عليها! فلا بأس يا غاليتي، انهضي واستأنفي رحلتكِ، وردّدي: (الله أكبر) بكلّ وجودكِ، فـ(الله أكبر) من أوجاعكِ وهمومكِ وأحزانكِ وقلقكِ، وتراكمات الخذلان بداخلكِ، (الله أكبر) من أن يدعكِ وحدكِ، فهو يراكِ ويسمعكِ، ويعلم ما يصلحكِ أكثر منكِ، يرافقكِ في كلّ خطواتكِ، وبيده وحده أمركِ، فلا تجزعي، وانهضي من كبوتكِ، وكوني الأقوى بالاستعانة بخالقكِ، والارتباط بأئمتكِ (عليهم السلام)، وقد تتساءلين: كيف أقف على قدميّ من جديد إن هجم اليأس عليّ؟ فأقول لكِ: ارتبطي بالله تعالى بعد معرفته، فعندما يتعمّق إيمانكِ به، ويستوطن حبّه قلبكِ، ويسيطر على جوارحكِ وجوانحكِ، حينها سترين كلّ ما يحدث لكِ جميلًا، وتيقّني بزوال الدنيا والابتلاء فيها، وأبدية الآخرة وعظم الجزاء، فهذا من شأنه تذليل كلّ العقبات، وتوهين جميع الرزايا والتحدّيات، وتأمّلي في نِعم الخالق سبحانه عندكِ، وقارني بينكِ وبين مَن هم دونكِ في المعيشة والإمكانات من جميع الجهات، حينها سيتملّككِ الخجل؛ إذ ترين النِعم العظيمة التي أعطاكِ دون أن تلتفتي إليها وتشكري واهبها، ولو صرفتِ عمركِ في شكر واحدة منها لما استطعتِ، ولو أعطيتِ كلّ ما عندكِ لتعويضها لو كانت مفقودة لما تمكّنتِ! ابتعدي عن محيط المحبطين الذين لا يتقنون إلّا التأفّف والضجر، وأحيطي نفسكِ بالملهمين الذين يرون النور على الرغم من كلّ ما يحيط بهم من صعوبات ومشكلات وضرر، وتذكّري أنّ جميع العظماء على مرّ التاريخ تعرّضوا للكثير من المعوّقات، لكنّهم واجهوها بالعزم والثبات، وصنعوا نجاحاتهم بصلابة وقوفهم في وجه كلّ تلك التحدّيات. وأخيرًا: تعلّمي من كلّ ما يمرّ بكِ، دوّني ملاحظاتكِ، ادرسي أسباب إخفاقكِ، وتعلّمي من أخطائكِ، واحتفلي بأصغر إنجازاتكِ، واشكري مولاكِ الذي وهبكِ القوة لتتخطّي محنتكِ وأزمتكِ، وكوني ممتنّةً للصعاب التي صنعتكِ، وصقلت شخصيتكِ، وجعلتكِ مُلهِمةً لمَن حولكِ من أقرانكِ.