قرة عين الرسول (صلّى الله عليه وآله)

هدى نصر المفرجيّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 169

حين خلق الله سبحانه وتعالى البشر وسخّر لهم هذا العالم ليتكاملوا، لم يبخل عليهم بإرسال مَن يرشدهم إلى سبيل الهداية، فبعث الأنبياء والرسل ونصب الأئمة الأوصياء (عليهم السلام)، وكان دورهم في الهداية بارزًا وجليًّا، فتقدّموا الناس وقادوا زمام حياتهم نحو السعادة الأبدية، وفي دار الوحي حيث اجتمع النور الإلهي من كمال الآباء وشرف الأبناء في مَن بُعث سراجًا منيرًا، وهاديًا وبشيرًا ونذيرًا، ورحمةً للعالمين، هبط جبرائيل مبشّرًا بمولد بضعة الرسول (صلّى الله عليه وآله) الدرّة البيضاء وسيّدة نساء العالمين، وصفوة الشرف والجود، وواسطة الفيض، وقطب رحى المفاخر، وهالة المآثر بعد واقعة الإسراء والمعراج، حيث أطلّت بنورها على الكون وزهر نورها لملائكة السماوات مثلما تزهر الكواكب لأهل الأرض، وهي بضعة من أبيها، فمَن أغضبها فقد أغضبه، ومن سرّها فقد سرّه، وقد سمع المسلمون قول رسول االله (صلّى االله عليه وآله) فيها: "إنّما سُمّيت ابنتي فاطمة لأنّ الله عزّ وجلّ فطمها وفطم مَن أحبّها من النار"(١)، ومن كنف النبوّة انتقلت البتول إلى دار الإمامة؛ لتنشئ أطهر أسرة في الوجود، وتكون نواةً لأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرًا، ففاطمة (عليها السلام) غصن الشجرة الطيّبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، وهي (عليها السلام) ميزان الحقّ، والأنموذج الأعلى للمرأة الكاملة التي اصطفاها الله تعالى واختارها على نساء العالمين من الأولين والآخرين، فزلزلت عروش الظالمين، وبلّغت رسالات الله تعالى برفض الظلم والظالمين، فكانت وما تزال الهادية إلى الحقّ المبين، الداعية إلى الله، سيّدة النسوان التي فاز مَن تمسّك بها واتّبع نهجها في نصرة دين الله؛ لتحقيق السعادة في الدارين. ........................... (1) بحار الأنوار: ج43، ص15.