المحافظة على البيئة بين الأَولوية والإِهمال
نهى الله سبحانه عن الإفساد في الأرض بمختلف الأشكال، وأمر بالمحافظة على مواردها الطبيعية وغيرها، فقال تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِين) (البقرة:60)، فالبيئة هبة الله سبحانه، وقد سخّرها وكلّ ما فيها لخدمة الإنسان، وجعلها مهيّأةً له، فهي أمانة في عنقه، والمحافظة عليها ومنع المساس بها من الضروريات، ومن مسؤولية المجتمع بأكمله، بخاصّة أنّها أصبحت تتعرّض مؤخّرًا للكثير من أعمال التخريب والتلوّث، ممّا زاد من اختلال التوازن البيئي، وتفاقم المشكلات البيئية التي تسبّب الضرر للإنسان على نحو مباشر، مثلما أنّ سلامة الإنسان مرتبطة بسلامة الأنظمة البيئية، فهو جزء مهمّ من الكائنات الحيّة، وأيّ اختلال سيؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر فيه، ومن هذا المنطلق تُعدّ المحافظة على البيئة من الأشياء التي يجب أن تُوضع في سلّم الأولويات؛ لأنّ جميع عناصر البيئة تتأثّر وتؤثّر في بعضها، وأيّ اختلال أو إهمال يلحق بعنصر من هذه العناصر الطبيعية، فسيؤثّر في سلامة الإنسان، ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يستغني عن أيّ شيءٍ فيها، فالهواء مثلًا جزء من البيئة، وأيّ خلل في توازن الغازات التي تكوّنه أو أيّ تلوّث يمسّه، فإنّه سيسبّب شرخًا بيئيًا كبيرًا، وكذلك الحال بالنسبة إلى الماء والتربة، حتى توزيع الغطاء النباتي ونسبة وجود الحيوانات وأعدادها، وكلّ ما يتعلّق بالعناصر المختلفة في البيئة. مسبّبات اختلال التوازن البيئي: تواجه البيئة تحدّيات كثيرة، أهمّها التلوّث الناتج عن أنشطة الإنسان، بخاصّة الأنشطة الصناعية والإنشائية والزراعية، إضافة إلى التلوّث الناتج عن الحروب المدمّرة، واستخدام الأسلحة الفتّاكة، وغيرها من أفعال تسبّب اختلال التوازن البيئي، ومن ثم صعوبة تحقيق استقرار الإنسان، فيصبح أكثر عرضة للانهيار والخطر، وما الاحتباس الحراري إلّا إنذار حقيقي لشدّة التلوّث الذي تعرّضت له الكرة الأرضية، فلابدّ من أن نضع مَهمّة حماية البيئة من أولوياتنا، ونحرص على أهمّية الوعي البيئي، ونشر ثقافة الاهتمام بالبيئة بكافة الوسائل التعليمية والتوضيحية بين أفراد المجتمع، وواجب على كلّ إنسان يعيش في أحضان هذه البيئة أن يحافظ على حقّ الأجيال القادمة في العيش في بيئة نظيفة وصالحة، مثلما يجب علينا أن نسعى ونحافظ على نعمة الأرض، فهي مرآة عاكسة لمدى ثقافة المجتمع والمواطنين، مثلما أنّه واجب ديني وأخلاقي، ومقياس لمدى ثقافة الأمم، ودليل على سموّ حضارتها، فنحن أبناء هذه الأمّة، وعلينا أن نسمو بها إلى القمّة.